شبكة المقرن / آمنة حسن
بعد ثورة ديسمبر وسقوط نظام الانقاذ وبموجب اتفاق جوبا حضرت جيوش الحركات المسلحة الى الخرطوم ، على اساس تنفيذ الترتيبات الأمنية وعملية الدمج والتسريح ، الا ان تأخر تلك الإجراءات ادى إلى انتشار تفلتات واعتداءات بالسلاح من بعض المنتمين لهذه الحركات ، إلى جانب ظهور مجموعات أخرى رفعت السلاح بحجة حفظ الأمن وإصلاح حال البلاد ، مثل كيان الشمال واخرى في شرق السودان ، ومؤخراً تم القبض على أشخاص بمنطقة مايو يقومون بتدريبات عسكرية ، هذا الانتشار الكثيف للسلاح والمسلحين القى بظلاله على الأمن داخل العاصمة والسودان ككل واعتبره بعض المراقبين قنبلة موقوتة مهدده لبقاء الدولة .
مرحلة الميلاد
الامين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد وعضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير محمد الهادي محمود قال لشبكة المقرن انه ومنذ ظهور الحركات المسلحة للمرة الاولي في العام 2003 في اقليم دارفور برئاسة عبد الواحد محمد نور ضد نظام الانقاذ مطالبة بقضايها العادلة في العيش الكريم وقسمة السلطة والثورة لاقليم دارفور دخلت في صراع طويل مع نظام الانقاذ الذي غذى هذه المناطق بالتفرقة والانقسامات القبلية والاثنية والعنصرية فشملت الحرب كل اقليم دارفور مما ترك اثار سالبة من تشرد ونزوح ولجوء لدول الجوار ولكن سرعان ما بدأت الانقسامات تدب في حركة تحرير السودان فكان الانقسام الاول بعد مؤتمر حسكنيته بقيادة مني اركو مناوي وقد كان نائب قائد الحركة وتوالت الانقسامات الاميبية فظهرت عدة حركات .
فرق تسد
وأضاف الهادي ان نظام الانقاذ عمل علي محاربة تلك الحركات المسلحة بانشاء مليشية من الجنجويد بقيادة موسي هلال الذي نشط في محاربة الحركات وبعد تفاقم الامر سارعت الحكومة بانشاء الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي الذي انشأ قوة ضاربة من قبيلته وبعض القبائل الاخري التي نشطت في دارفور وعملت على ضرب الحركات الدارفورية وحماية الحدود ، فكان تمرد يحي بولاد وبعده اسس خليل ابراهيم حركة العدل والمساواة منشقا عن نظام الانقاذ حتي ضرب حركته واغتياله بعد محاولته دخول ام درمان وتولي الحركة بعده شقيقه جبريل ابراهيم وقد قامت الانقاذ بعمل عدد من اتفاقيات السلام كان اخرها الدوحة في دولة قطر دخل بموجبها اركو مناوي السلطة مساعدا للمخلوع عمر البشير والتجاني السيسي وغيرهم من قادة الحركات الذين تولوا المناصب الدستورية ولكن كل تلك الاتفاقات لم تؤدي الي سلام في دارفور فاستمرت الانقسامات التي اضعفتها واستطاع الدعم السرع ضربها وملاحقتها في كل الاقليم ، ولكن الحركات الدارفورية استعانة بالحركة الشعبية بقيادة جون قرنق الذي يطالب بالسودان الجديد وبعد رحيل د . قرنق تحالفت مع خليفته عبد العزيز الحلو .
ثورة ديسمبر
وقال الهادي ظلت الحركات في انقسامات الي ان قامت ثورة ديسمبر المجيدة فاستطاعات ابرام سلام جوبا الذي مكنها من قسمة السلطة مع المكون العسكري والحرية والتغيير هذه نبذة وخلفية تاريخية مبسطة عن الحركات التي هي الان في الخرطوم بكامل سلاحها وعتادها داخل حيث شكلت تهديد واضح للامن وامان ولاية الخرطوم لانه ليس من الحكمة وجود هذه الجيوش المجيشة داخل العاصمة التي تعاني اصلا انفلات امني مزمن منذ نظام الانقاذ المباد وزاد الطين بله انقلاب البرهان في 25 اكتوبر الذي جعل البلاد تعيش في فراغ حكومي وبالتالي تدهور اقتصادي وامني وفي كل مجالات الحياة .
مالم يتم انهاء انقلاب 25 اكتوبر والاتفاق علي حل سياسي شامل لادارة الفترة الانتقالية بسلاسة حتي قيام الانتخابات ويتم بموجبه دمج وتسريح هذه الحركات المسلحة في القوات النظامية وانشاء جيش نظامي قومي موحد لكل الدولة السودانية حتي ينعم الوطن بالحرية والعدل والسلام كما نادت شعارات الثورة الديسمبرية وشهداؤها الابرار .
تقديرات خاطئة
وقال الصحفي والمحلل السياسي سميح جمال لشبكة المقرن كان تقديراً سياسياً خاطئاً عندما اعتمد نظام البشير على تقنيين القيام بدور الوكالة لاحتضان الميليشيات وتسييرها للمشاركة في الحروب الخارجية ومحاولة فرض القوة الأمنية عبرها واستثمارها في حماية الحدود الدولية، وهذا قاد إلى وجود نموذج لباقي الحركات المسلحة أن تعتز بقوتها المسلحة.
ما يحدث اليوم من تواجد للمسلحين في العاصمة والمدن وبين المدنيين والأعيان المدنية هو أمر في غاية الخطورة ويعيق تفكير السلطات في تنفيذ مشاريع السلام ، وتعتبر هذه الجيوش غير مؤهلة فهي لا تخضع سوى لقانون حركتها ولا تعرف الدولة ولا الحكومة وليست ذات معرفة بالمجتمع ولا يحكمها سقف وطني، وكل هذا يزيد من خطورتها على المجتمع.
اتفاق ملزم
وقال سميح ان السلطات في الخرطوم تتعثر في الوصول إلى اتفاق سياسي ملزم وبرتكول للترتيبات الأمنية حيث تتقاطع المصالح فيما يتعلق بالسلطة والثروة وقضايا دمج الحركات في الجيش ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.
وهناك نقص حاد في الكادر المفاوض والكفء لقيادة الترتيبات الأمنية، إذ يعود الأمر إلى السياسيين في الأحزاب وهؤلاء ليسوا ذوي خبرة كافية لقيادة ملفات مثل هذه.
إن القضية تتجاوز الرأي والتحليل وتحتاج إلى سياسات حقيقية ينظر عبرها إلى القضايا الوطنية ومحاولة وضع حلول ومعالجات وهو أمر يحتاج إلى التوافق والقبول بالمقترحات العملية.
أعتقد أن الاتفاق الإطاري يحظى بفرصة كبيرة ليكون وعاءاً يجمع شتات الرأي ويضع الحلول، خاصة وأنه قد وجد الدعم الدولي والإقليمي ويمكن تجاوز نواقص بداياته وأسئلة السياسة حولها ليتكامل الاتفاق ويصبح مخرجاً للأزمة السودانية .
قانونية وشرعية
وقالت الصحفية لبنى خيري لشبكة المقرن أن اتفاقية جوبا منحت الحركات المسلحة قانونية وشرعية التواجد داخل العاصمة الخرطوم وهذه واحدة من المشكلات ، الان أصبح هنالك عدد من الجيوش بدءاً من الجيش القومي وهو وضعيته مقننة والدعم السريع لديه قانون خاص به اما الحركات فقد جاءت وفق الاتفاقية ولم تتم عملية التقنين تقنن لتوقف عمل مفوضية الدمج والتسريح في ظل عدم وجود حكومة شرعية ، وحسب اتفاق جوبا كثير من البنود بها مشاكل وأصبحوا سبباً للهشاشة الأمنية في البلد فبدلاً عن اكمال دمجها وتسريحها لتكون جزء من حماية الدولة أصبحت هنالك انفلات أمني وانتشار للسلاح والعاصمة لم تصبح آمنة .
مصادر التمويل
وقال المحلل السياسي علي ميرغني لشبكة المقرن ان اهم علامات انهيار الدولة تعدد الجيوش فيها ، وبالنسبة للحركات المسلحة كلها لا توجد بها سلسلة قيادة وسيطرة تضبط وتنظم عمل افرادها سواء خارج المدن او بالخرطوم.. لذلك هنا الخطر كبير لجهة صعوبة السيطرة على وحداتها وافرادها حال حدوث احتكاك بين هذه القوات واي قوات اخرى او مواطنين مدنيين..
ثانيا اعاشة القوات والجنود عموما مكلفة ماليا واداريا، وفي المدن ترتفع تكلفة الاعاشة ونجد ان معظم الحركات لا تملك التمويل الكافي ولا الكوادر قادرة على استدامة امداد هذه القوات. فماذا ننتظر من جندي مليشيات معه سلاح ولا يجد المداد الكافي والمناسب، بالطبع سيتصرف تصرف جندي الحركات. ولا اتوقع منه ان يظل جائع او غير مكتفي غذائيا وفي يده السلاح وامامه الطعام وربما الاموال
وأضاف ميرغني ان تشظي الحركات وتوالدها ناتج عن انها بلا عقيدة او انتماء للقوة والقائد، لذلك كل صاحب طموح حتي ولو لم يكن برتبة الضابط سينشق ويعلن حركة جديدة ولن يعدم الجنود من الحركة نفسها او يقوم بتجنيد صوري لافراد مدنيين يمنحهم رتب وربما يحصل علي مقابل مادي حسب الرتب التي يتكرم بها علي هؤلاء الجنود الجدد. وكلما تاخر تنفيذ الترتيبات الامنية سيرتفع عدد الحركات المسلحة .
ترهيب وتخويف
وقال الباحث والمحلل السياسي فاروق البدوي لشبكة المقرن أن وجود الأسلحة في أيدي هذه المجموعات ويتجولون بها داخل العاصمة تحملهم كل سيارة ليس اقل من عشرة أفراد يسببون الارهاب للمواطنيين ، أن الآثار المترتبة انفلات أمني لاستخدامهم القوة وأساليب الترهيب والتخويف وأساليب لم نكن نراها الا في الجماعات المتفلتة والارهابية ، وفي فترة حكم الانقاذ الأخيرة بدا الترويع بشكله المسرف في المدن الكبرى وانتقل لمدن مجري النيل وبدأت تظهر ظواهر في شرق السودان ،. هذه المسألة بدأت فيهم بالانشقاقات والتفلت والخلافات فيما بين هذه الحركات ، تجد حركات العدل والمساواة أصبحت عدد من الحركات ، حتى الدعم السريع لم يخلو من الخلافات ،
النتيجة الان خراب وسوء إدارة وترهيب للشعب السوداني وهذا بسبب ضعف الجيش السوداني وقيادته في التعامل بحسم مع هذه الجماعات
كما اتضح ان بعضهم مستجلب للمخدرات القاتلة للسودان