إثيوبيا تمهد لعودة وساطتها بين القوى السودانية..الزيارة تبعثر أوراق المبادرة السياسية المصرية

زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى الخرطوم تبعثر أوراق المبادرة السياسية المصرية.

وكالات: الفلاسفة نيوز

ينهي دخول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على خط الأزمة السياسية السودانية أي رهان على تبني القوى المدنية السودانية للمبادرة المصرية لحل الأزمة السياسية، إذ يحظى الدور الإثيوبي تاريخيا في السودان بقبول أكبر من نظيره المصري كونه غير منحاز للجيش.

الخرطوم – أدت حالة الانسداد في السودان إلى قلق قوى إقليمية ودولية وخوفها من أن تقود إلى انهيار العملية السياسية بين المكونين العسكري والمدني، وسعت إثيوبيا إلى التلميح للعودة إلى وساطتها السابقة عندما أسهمت بدور فاعل في عبور المرحلة الحرجة التي تلت سقوط نظام الرئيس عمر البشير، وأنهت إشكاليات معلقة بينهما.

وقال مراقبون في السودان إن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا للخرطوم الخميس، وإجراء محادثات مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وكبار معاونيه، وقوى مدنية، تعيد إحياء دوره السياسي في السودان وتجاوز فترة التوترات السابقة.

وحمل آبي أحمد رغبة شخصية لإخراج السودان من أزمته كرجل حصد من قبل جائزة نوبل للسلام وأحاطت به شكوك كبيرة عقب انخراطه في صراعات داخل بلده، ودخوله في مناوشات عسكرية وسياسية مع الجارة السودان.

نورالدين صلاح الدين: السودانيون ينظرون بشكل إيجابي لدور الوساطة الإثيوبية
نورالدين صلاح الدين: السودانيون ينظرون بشكل إيجابي لدور الوساطة الإثيوبية
كما حمل دعما غير مباشر من قوى خارجية عديدة لإنقاذ اتفاق إطاري وقع بين المكونين العسكري والمدني في الخامس من ديسمبر الماضي، بات مهددا بالانهيار، وأخذت الرؤية السلبية من جانب بعض الجهات الدولية بعد حرب تيغراي تتغير تجاهه وتعود إليه النظرة المتفائلة كرجل للسلام في الإقليم.

وأخفقت اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، والآلية الثلاثية المشكلة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الإيجاد، في الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق الإطاري، وهي التوقيع على اتفاق نهائي يضمن تسليم السلطة للقوى المدنية، ويقتصر دور الجيش على المهام الدفاعية.

وأوضح المراقبون أن دخول آبي أحمد على خط الأزمة السياسية بأي طريقة ينهي ما تبقى من رهان لدى قوى سودانية على مبادرة – وساطة مصرية ظهرت مشلولة مؤخرا، وحدث انقسام حولها داخل قوى الحرية والتغيير، بينما يحظى الدور الإثيوبي بقبول أكبر من نظيره المصري المسكون بهواجس تاريخية حتى الآن.

ويوحي نشاط إثيوبيا حيال السودان بأن هناك إمكانية كبيرة لتفاهمات بين الجانبين في القضايا الخلافية يمكن تطويرها على إثر نتائج هذه الزيارة الفترة المقبلة.

وأعلن البرهان عقب استقباله آبي أحمد الخميس أن البلدين متفقان على كافة القضايا المتعلقة بسد النهضة، مؤكدا أن الوثائق والآليات الفنية “تمثل المرجعية الأساسية لقضية الحدود.. وتجربة السلام في تيغراي تعتبر مشرفة وتدعم الاستقرار في إثيوبيا”.

وحدد آبي أحمد الغرض من الزيارة بشكل واضح في “إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة الهامة من مسيرته السياسية.. وأن سد النهضة لن يسبب ضررا للسودان وسيعود عليه بالنفع”.

ولا تزال مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا متجمدة، وتحاول أديس أبابا تأكيد أن رفضها المعلن التدخل في شؤون مشروع السد وإدارتها المنفردة له في الملء والتشغيل لم تنعكس سلبا على القاهرة والخرطوم، وأن الأخيرة سوف تحقق منع مكاسب متعاظمة.

ونوهت تقارير محلية إلى أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للخرطوم تحمل فعلا مبادرة للوساطة بين القوى السودانية للخروج من الأزمة السياسية، اعتمادا على الدور السابق الذي قام به، حيث لعب دورا بارزا في هندسة المرحلة الانتقالية بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي عقب سقوط نظام البشير.

والتقى آبي أحمد وفدا من لجنة الاتصال والعلاقات الخارجية بقوى الحرية والتغيير بالقصر الجمهوري الخميس، معربا عن دعمه لكل ما يتوافق عليه أهل السودان، واستعداده لتقديم كل السند لما ستسفر عنه العملية السياسية، مشددا على أن تكون العملية سودانية بالكامل دون السماح لأي طرف خارجي بالتدخل أو فرض أي حلول.

وذكر القيادي بقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) نورالدين صلاح الدين أن السودانيين ينظرون بشكل إيجابي للدور الذي لعبته الوساطة الإثيوبية بالشراكة مع الاتحاد الأفريقي للتوقيع على الوثيقة الدستورية، وبعد الوصول لاتفاق إطاري برعاية الآلية الثلاثية وبدعم وتشجيع من اللجنة الرباعية ينتظر السودانيون الاستمرار في هذا السياق وصولا للتوقيع على اتفاق نهائي.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن قوى الحرية والتغيير تنتظر دعما من دول الجوار لإنجاز الاتفاق النهائي، وليس البدء في عملية سياسية جديدة أو خلق منبر تفاوضي جديد، قائلا “نحن نريد البناء على ما تم الاتفاق عليه”، مشيرا إلى أهمية الاتصالات الرسمية التي جرت بين إثيوبيا ولجنة الاتصال والعلاقات الخارجية بقوى الحرية والتغيير.

الكثير من القوى المدنية في السودان ترتاح إلى دور إثيوبيا لأنها لا تميل إلى الإنحياز لتمكين الجيش من الحكم

وأكد أن أجندة قوى الحرية والتغيير تقتضي تعزيز التواصل مع دول الجوار والفاعلين الإقليميين والدوليين، وأن لجنة العلاقات الخارجية بدأت بالفعل الأربعاء أولى زياراتها الخارجية إلى دولة جنوب السودان، وستعقبها زيارات إلى دول أخرى، بينها إثيوبيا، والتي تستهدف الضغط لإنجاز الاتفاق النهائي.

وقال آبي أحمد بعد وصوله الخرطوم الخميس إنه لن يقدم مقترحات جديدة ويثق في قدرة السودانيين على تجاوز قضاياهم، في إشارة إلى عدم التدخل لأجل إحداث تغيير جوهري في الاتفاق الإطاري، وأن مهمته تنحصر في تقريب المسافات.

وترتاح الكثير من القوى المدنية في السودان إلى دور إثيوبيا لأنها لا تميل علنا أو خفية إلى الانحياز لتمكين الجيش من الحكم، ويجد تدخلها دعما معنويا من قوى إقليمية ودولية، باعتبارها لم تحد عن فكرة الالتزام بتسليم السلطة للقوى المدنية.

وأدت تحرشات حدودية بين السودان وإثيوبيا إلى تراجع الأخيرة عن ممارسة دورها في الوساطة بعد اتهامات طالتها بالتعدي على أراض سودانية وتحريض ميليشيات مدعومة من أديس أبابا على القيام بانتهاكات بحق مواطنين سودانيين، أدت محصلتها إلى اشتباكات مسلحة متقطعة، حتى تمكن الجيش السوداني من السيطرة على غالبية منطقة الفشقة الحدودية التي قال إن إثيوبيا احتلتها في وقت سابق.

كما أفضى انخراط الحكومة الإثيوبية في حرب تيغراي إلى تركيزها على وأد التوترات، والانتهاء من إجراء انتخابات عامة قادت إلى إعادة انتخاب آبي أحمد رئيسا للحكومة، وبدأ يستعيد لياقته السياسية في الداخل بعد استتباب الأمور أمامه، ومع قوى دولية بعد التوقيع على اتفاق سلام مع قيادة إقليم تيغراي مؤخرا.

شاهد أيضاً

“زفة المولد”.. سودانيون يحيون عادتهم السنوية رغم الحرب

رغم ظروف الحرب، حرص السودانيون على الخروج في مراسم “زفة المولد”، التي اعتادوا على إقامتها سنويا خلال شهر ربيع الأول ابتهاجا بذكرى المولد النبوي الشريف.

الفلاسفة نيوز

مجانى
عرض