تحويل بصات الولايات للميناء البري بمدني.. ضربة قاضية للسوق الشعبي..السوق أصبح مهجوراً يخلو تماماً

137

السوق أصبح مهجوراً يخلو تماماً من حركة المسافرين والمتسوقين

التجار يقضون يومهم في لعب (الليدو) والنوم بسبب توقف حركة المتسوقين!!

بائعة الشاي (حسنية): ترحيل البصات السفرية للميناء البري قطع رزق أطفالي

التجار:المدير التنفيذي وقع أمامنا على نقل (19) موقفاً للقرى إلى السوق الشعبي ولكن كان مجرد حبراً على ورق

المدير التنفيذي:لجنة أمنية من المحلية وشرطة المرور لتحريك مواصلات القرى من السوق الكبير إلى السوق الشعبي

ود مدني ــ تحقيق – محمد الأمين

ظل السوق الشعبي بمدينة ود مدني بعد افتتاح الميناء البري خالياً تماماً من حركة المسافرين والمتسوقين .. معظم أصحاب المحلات التجارية والكافتيريات والطبالي وبائعات الأطعمة وستات الشاي هجروا العمل في هذا السوق ولم يتبق منهم سوى القليل الذي ظل ممسكاً بحبال الصبر على أمل أن يأتي الفرج من الله .. فظل السؤال الذي يطرح بإلحاح عن كيفية معالجة أوضاع هذا السوق أم أن السلطات المحلية في الولاية استغنت عنه و لم يصبح ذا أهمية بالنسبة لها؟.. دار حديث هنا وهناك بشأن معالجة السوق بأنه سوف يتم نقل مواقف مواصلات القرى داخل ولاية الجزيرة إليه والمقصود بهذه المواقف الموزعة على أسواق مدني الأخرى: (السوق الكبير، والمركزي،و السوق الصغير) وتجميعها كلها داخل السوق الشعبي.. وفعلاً بعد أيام من تحويل البصات السفرية إلى الميناء البري مدني أصدرت محلية ود مدني الكبرى قراراً قضى بموجبه نقل مواقف مواصلات القرى داخل ولاية الجزيرة إلى السوق الشعبي مدني .. والقرى التي شملها قرار النقل والتحويل إلى السوق الشعبي هي:(أم القرى ـ الحديبة ـ دلوت ـ القرية٢٧ ـ القرية ٢٣ ـ الشرفة ـ التبيب ـ ود الكاشف ـ ود قراصة ـ حلة الخليفة ـ الركين ـ الوراق ـ أبو سنينة ـ حلة دفع الله ـ الكُمُر).. وحسب ما ذكر وقتها تعتبر هذه كخطة أولى من معالجة السوق الشعبي يعقبها قرار آخر بنقل خطوط أخرى من مواقف مواصلات لقرى الجزيرة ولكن لم تُنقل من هذه المواقف سوى خطوط محدودة .. لكنها لم تمكث فيه سوى أيام معدودة ثم عادت من حيث أتت ولم يتبق منها سوى خطين أو ثلاثة خطوط مواصلات فقط من الموجودة الآن.. (الحراك( تجولت داخل السوق الشعبي وبحثت عن سر رجوع خطوط مواصلات القرى التي تم تحويلها إلى السوق الشعبي وعودتها مرة أخرى بعد أيام معدودة.. كما وقفت ميدانياً على معاناة أصحاب المحلات عبر التحقيق التالي

الضربة القاضية

في العاشر من فبراير الماضي من هذا العام تم نقل البصات السفرية إلى الميناء البري مدني وبدأ العمل فيه بصورة رسمية، وهنا كانت (الضربة القاضية) للسوق الشعبي وللعاملين فيه.. ومايثير الدهشة حتى حافلات المدن داخل ولاية الجزيرة تم نقلها إلى الميناء البري مثل:(المناقل ـ الحصاحيصا ـ الكاملين ـ رفاعة) رغم الاعتراضات الكبيرة على تحويلها.. وبرر المعترضون بأن هذه المواصلات تعد داخل الولاية ولا يستدعى نقلها إلى الميناء البري، والمعروف أن الموانئ البرية تستهدف مواصلات الولايات وليس المواصلات داخل الولاية المعنية.

مضى على افتتاح الميناء البري مدني ثمانية أشهر والولاية لم تعيره أدنى اهتمام، بل أظن أنه من آخر اهتماماتها.. وذكر العاملون بالسوق الشعبي بأنهم ذهبوا إلى محلية ود مدني الكبرى عدة مرات مستفسرين عن سر مواقف مواصلات القرى التي تم تحويلها إلى الشعبي ورجعت بعد أيام معدودة، وذكروا بأن المدير التنفيذي للمحلية وعدهم عدة مرات بأنه سوف يتم ارجاع جميع مواقف مواصلات القرى التي خالفت قرار نقلها إلى السوق الشعبي، ورغم الوعود إلا أنهم لم يروا شيئا على أرض الواقع!.

من خلال تجوال(الحراك) داخل السوق الشعبي لحظت أن أغلب المحلات التجارية أغلقت أبوابها منذ تحويل البصات السفرية إلى الميناء البري، المحلات أصبح يسكنها الطير ويحلق حولها البوم بعد ما أضحى السوق خالياً فالمحلات التجارية والكافتيريات والطبالي هجرها أصحابها فمنهم لا يزال عاطلاً عن العمل ويبحث عن مهنة بديلة، وحتى الموجود منهم فهم يشكون لطوب الأرض من حلقة الديون المثقلة التي دخلوا فيها وأغرقتهم بسبب حالة الركود والكساد التي لم يشهدوها من قبل حسب حديثهم، والخسائر التي تكبدوها في سبيل بقائهم.. أصحاب الطبالي والمحلات التجارية وفي ظل ركود السوق شاهدت بعضهم يلعبون (الليدو)، وبعضهم خلدوا للنوم أمام محلاتهم وطباليهم يغطون في نوم عميق كحال السوق الشعبي تماما والذي هو الآخر في سبات عميق، وأملهم أن تتم معالجة للسوق، وكشفوا لـ(الحراك) بأن بقاءهم في هذا السوق أكثر من ذلك بات شبه مستحيل بسبب ما تعرضوا له من خسائر.

كيفية المعالجة

تساءل الكثيرون عن معالجة أوضاع السوق الشعبي بعد افتتاح الميناء البري، وكانت فكرة المعالجة بنقل كل مواقف مواصلات القرى الموجودة في أسواق مدني الأخرى وتحويلها كلها إلى السوق الشعبي، عوضا عن مواصلات الولايات التي كانت شريان ونبض هذا السوق، ولكن هذه الفكرة لم تنفذ إلى الآن رغم أنها لا تحتاج أكثر من جرة قلم ومتابعه.. ورغم أن مواصلات القرى حتى لو تم تحويلها كلها إلى السوق الشعبي فلن ترجعه إلى سابق عهده، ولكن أصحاب المحلات التجارية والطبالي وغيرهم قالوا:”إنه أفضل من لا شيء”، وبرروا ذلك بقولهم: “لأن عدد المسافرين إلى الولايات أضعاف أعداد المسافرين داخل ولاية الجزيرة، فكان مسافرو الولايات منعشين للسوق الشعبي”.

التاجر(حيدر الخضر) في حديثه لـ(الحراك) يقول:”بعد افتتاح الميناء البري ومغادرة البصات السفرية من الشعبي وذهابها إلى الميناء البري مدني أصبح وضع السوق الشعبي طارداً بالنسبة لنا وغير جاذب للعمل، ووجودنا فيه لسبب أن كل البدائل وخيارات العمل أغلقت في وجوهنا.. وصبرنا طيلة الثمانية أشهر الماضية على أمل أن تضع محلية ود مدني الكبرى خطة لمعالجة اشكالية هذا السوق، وذلك يتمثل في نقل مواقف مواصلات بديلة وتثبيتها في هذا السوق.. ولكن المحلية لم تفعل شيئاً من ذلك”.

وقال(حيدر الخضر) لـ(الحراك):”ذهبنا عدة مرات لمحلية ود مدني بشأن السوق، وآخرها قبل أيام قريبة، وتناقشنا مع المدير التنفيذي لمحلية ود مدني الكبرى(جمال دفع الله)، وشكونا له حال السوق الشعبي مجدداً، ووعدنا بحلول له”.

وكشف(الخضر) لـ(الحراك) أن المدير التنفيذي لمحلية مدني وقع أمامهم على نقل (19) موقفاً من خطوط مواصلات القرى بالجزيرة ومكانها السوق الكبير، ومنها خطوط حولت من قبل إلى الشعبي، لكنها غادرته لأسباب لا نعلمها.. وأضاف:” المدير التنفيذي للمحلية ذكر لنا بأنه يدري بكل شيء عن حال السوق الشعبي على حد قوله ، وأكد لنا بأنه سوف يقوم بتقديم معالجة وحلولا لأوضاع السوق الشعبي، مشيرا إلى أن المحلية كسلطة لا يمكن أن تستغني عن السوق الشعبي أو تهمله، ولن تتركه دون وضع حلول ومعالجة له، وسواء شكوتم لنا أم لم تشكو فالمحلية لن تتركه دون معالجة.”.

الوضع صعب

أما (النذير علي ) صاحب بوتيك فلا لايذهب بعيدا عما تحدث به سلفه، ويقول في حديثه لـ(الحراك):”السوق الشعبي بعد إفتتاح الميناء البري وضعه أصبح بالغ الصعوبة حقيقة، ونحن صبرنا عليه صبرا لا يستطيعه أحد سوانا رغم أن الغالبية هجرت السوق لكن الذين ظلوا باقين صابرين لعل وعسى ينصلح الحال، ونحن بقينا في السوق لأننا افنينا سنين طويلة فيه، وبه مهنتنا ومصدر رزقنا الوحيد، فليس لنا مهنة أخرى بديلة..وذهبنا إلى محلية ود مدني الكبرى وحكينا للمدير التنفيذي للمحلية أوضاع السوق الشعبي الأمنية والاقتصادية فوعدنا بنقل خطوط مواصلات القرى والمحليات الأخرى إلى السوق الشعبي، وأكد لنا أن معالجة أوضاع السوق الشعبي باتت وشيكة، وأخبرنا بأنه هو ومدير شرطة مرور المحلية وقعا على نقل خطوط المواصلات المعنية وتحويلها من السوق الكبير إلى الشعبي.. وعلى حسب حديث المدير التنفيذي للمحلية تبقى التنفيذ فقط..ونحن الآن ننتظر نقل مواقف المواصلات على أمل أن تنعش السوق قليلاً..فهذه المواصلات بالطبع لن ترجعه عما كان سابقاً ولكن ربما تحيي السوق قليلاً عن حالة الركود الحادثه فيه الآن”.

أما (حسنية عثمان) بائعة الشاي والتي لا تزال تعمل بالقرب من موقف المواصلات القديم، فقالت من خلال حديثها لـ(الحراك):”قبل افتتاح الميناء البري، السوق الشعبي كان عامراً بحركة المسافرين ودخلنا كان (عال العال) لأن معظم الذين يحتسون الشاي والقهوة عندنا هم من الولايات وذلك بحكم عملي بالقرب من الموقف،ولكن بعد نقل البصات السفرية إلى الميناء توقفت حركة المسافرين تماماً وتوقف معه دخلي، وأصبحت أحضر إلى العمل أياما وأغيب عنه أياما أخرى نسبة لقلة الزبائن ودخلي يكاد لا يغطي شراء أغراض الشاي والقهوة دعك عن الالتزامات الأخرى”.

وكشفت(حسنية) لـ(الحراك)عن سر بقائها في هذا السوق بأنها لم تجد مهنة أخرى بديلة حرة وشريفة في أي مكان آخر، وأضافت:”أصبحت مضطرة بأن آتي للعمل هنا،والحاجة وعدم وجود العمل البديل هو ما جعلني باقية في السوق، لأنني أعول ابنتي الصغيرة ووالدتي، فبعد أن انفصلت عن زوجي أصبحت أنا أعولهم وليس لي مصدر دخل غير بيع الشاي.. وعبر صحيفة (الحراك) أناشد السلطات المحلية النظر إلى السوق الشعبي لأنه مصدر رزق لمئات الأسر”.

المدير التنفيذي

المدير التنفيذي لمحلية ود مدني الكبرى (جمال دفع الله) في حديثه لـ(الحراك) حول هذه القضية أوضح:”أصحاب المحلات التجارية بالسوق الشعبي اجتمعوا معي بالأمس في المحلية جاءوا يشكون ويطلبون المعالجة والحلول، وأخبرتهم بالحلول المقترحة للسوق، فهنالك لجنة أمنية من المحلية وشرطة مرور المحلية مهمتها تحريك مواقف المواصلات من السوق الكبير إلى الشعبي وهذه المسألة لا تتم بهذه السهولة، ولكن نحن وشرطة المرور سوف نحرك كل مواقف المواصلات إلى السوق الشعبي”.

وكشف المدير التنفيذي (جمال دفع الله) لـ(الحراك) أن مواقف القرى حولت من قبل إلى الشعبي لكنها غادرت منه مرة أخرى، لأن هؤلاء الركاب يأتون من خارج مدني، وهم يرون أن نزولهم في السوق الشعبي سيكلفهم استقلال مواصلات داخلية مرة أخرى إلى السوق الكبير، وهذه هي حجتهم في عدم البقاء في الشعبي، وقال: “ولكن في أي مدينة الناس عادي جداً تنزل خارج السوق الكبير أو العمومي وتستعين بمواصلات داخلية، ونحن بدورنا سوف نوفر حافلات داخلية من السوق الكبير إلى السوق الشعبي بتعرفة معقولة لتساعد على استقرار مواقف المواصلات داخل السوق الشعبي، والمحلية وشرطة المرور تعملان الآن على هذا الأمر.. فأي مواصلات خارج المدينة ومن محليات أخرى، ليس بالضرورة أن تقلهم نفس مواصلاتهم لداخل السوق الكبير، ويمكن أن ينزلوا في أي مكان آخر داخل مدني، ثم يأخذون مواصلات داخلية تقلهم إلى حيث يشاؤون”.

المصدر الحراك

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد