تحقيق يكشف ارتفاع غير مسبوق في الإصابة بالملاريا

150

كشفت جولة لـ(الحراك) عن ارتفاع غير مسبوق في الإصابة بالملاريا وراتفاع في أسعار العلاجات، وتحصلت الصحيفة على معلومات عن تزايد حالات الإصابة بهضربة الملاريا. وعقب فشل (الراجمات) لجأت وزارة الصحة لمحاربة الملاريا بـ(الكوارتيم) القوي، وتعتبر محلية

كرري أعلى المحليات إصابة تليها جبل أولياء والخرطوم وبحري واشتكى مرضى من عدم فاعلية العلاج وتكرار الإصابة بالمرض.

هضربة ملاريا

بعد فشل (الراجمات) وزارة الصحة تحارب الملاريا بـ(الكوارتيم) القوي

كرري أعلى المحليات اصابة تليها جبل أولياء والخرطوم وبحري

المرضى يشكون من عدم فعالية العلاج وتكرار الاصابة

ضحايا الملاريا يلجأون للعرديب والموليتا في ظل شح وغلاء العلاج

تخوف من انتشار وبائي للملاريا والتايفويد بسبب تكدس النفايات (المتعفنة) جراء الأمطار

خبراء الملاريا ينصحون بالنوم داخل الناموسيات من التاسعة مساء وحتى الرابعة صباحا لاتقاء شر أنثى البعوض

تحقيق ـ بتول الفكي

توالت تبعات تراكم مياه الخريف على المواطنين بكافة المناطق الأكثر تضررا والمتأثرة بتجمعات المياه حيث شهدت حالات الاصابة بالملاريا نسبة مرتفعة اثبتتها جولة (الحراك) داخل مشافي ومراكز العاصمة إلى جانب عدد من الولايات على رأسها الجزيرة بكل مناطقها الغارقة في مياه السيول والأمطار إلى جانب ولايتي سنار والنيل الأزرق والعديد من مدن الولايات الشرقية والوسط بنسب متفاوتة .. أدت المياه المتراكمة إلى توالد العديد من الحشرات وفي مقدمتها البعوض الحامل للملاريا .. وما فاقم الأوضاع صعوبة الحصول على علاج الملاريا نفسه الذي أصبح تجارياً، ورغم ذلك غير متوافر مما يزيد معاناة المرضى ويجعلهم يتجولون بين الصيدليات ما تسبب في ارهاق المرضى ومرافقيهم .. وكنت واحدة من ضحايا الملاريا التي رفضت مغادرة جسدي المنهك إلا بعد أن تعاطيت الحقن القوية التي شلت قدرتي على الحركة ورغم ذلك تماسكت وأجريت هذا التحقيق وقابلت من خلاله عددا كبيرا من المرضى الذين تكتظ بهم معامل الفحص وأقسام الطوارئ ببعض المستشفيات الحكومية .. وعندما فرغت منه ودرجة حرارتي مرتفعة ورأسي يكاد ينفجر وأوصالي يكسوها الألم اعتقدت أنها (هضربة ملاريا) لكنها وقائع حقيقية

اقرار ضمني

من خلال الاجتماع الدوري الذي يعقد ثلاث مرات اسبوعيا وقف مدير عام وزارة الصحة بالخرطوم د. (محمود القائم) على الوضع الصحي والوبائي بالولاية لدى ترأسه الاجتماع الدوري للطوارئ على الوضع الوبائي بالولاية، وبحضور مديري الإدارات العامة والإدارات الفرعية بقاعة الوزارة ومناقشة التقارير الإسبوعية لعدد من الإدارات من بينها إدارة الملاريا.. حيث دعا إلى تكثيف الجهود عبر الأنشطة المختلفة لمحاربة الوبائيات.. وأقر مدير إدارة الملاريا بالإدارة العامة للطب الوقائي د.(بشير آدم إسماعيل) في تقريره الذي عرضه على الاجتماع إلى وجود زيادة في معدل الاصابات بالملاريا في عدد من المحليات خاصة محلية كرري التي أكد بأنها سجلت أعلى الاصابات ثم محلية جبل أولياء والخرطوم ثم بحري.. مستعرضا جملة من الأنشطة التي قامت الإدارة بتنفيذها للمكافحة من بينها العمل على مكافحة توالد البعوض بالمحليات والقراءات الحشرية.

تحديات ميدانية

على الرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية عن تقديم الدعم للسودان لمكافحة الملاريا والدرن والإيدز فقد أظهر الاجتماع وجود تحديات تواجه الدولة في تنفيذ خطط المكافحة، كما أظهرت تأكيدات إدارة صحة البيئة في تقريرها تنفيذ أنشطة تفتيش لمواقع توالد الذباب وكلورة المياه في محطات المعالجة، لافتة الى وجود تحديات منها عدم توفير الميزانيات اللازمة إضافة إلى الحاجة إلى زيادة فرق مكافحة الذباب وهو ما يخشاه مواطنو الولاية الذين يتخوفون من ارتفاع نسبة انتشار التايفويد بسبب تكدس النفايات التي غمرتها مؤخرا مياه الأمطار متسببة في سرعة تعفنها وجعلها بيئة موائمة لتوالد الذباب الناقل للمكروبات وتوالد البعوض الناقل للملاريا.

توزيع الناموسيات

مصدر أكد لـ(الحراك) من داخل وزارة الصحة الاتحادية أن هناك جهوداً من منظمات محلية وإقليمية وفرت حوالي (مليون) ناموسية يجري العمل على توزيعها بالبلاد بالتركيز على المناطق المتضررة والتي بها كثافة توالد البعوض بسبب تراكم مياه الأمطار التي جعلتها مناطق شبه معزولة ويصعب الوصول إليها من فرق الإنقاذ..مشيرا إلى أن هناك تخوفا من انتشار وبائي للملاريا والتايفويد للانتشار الكثيف للبعوض والذباب بسبب تجمعات المياه وتكدس النفايات (المتعفنة) جراء الأمطار الأخيرة التي شهدتها معظم أنحاء البلاد بما فيها العاصمة الخرطوم.. ودعا المصدر المواطنين النوم داخل الناموسات تجنبا للسعات البعوض في الأوقات التي ينشط فيها البعوض الناقل للملاريا ـ الأنوفليس ـ والتي تبدأ منذ التاسعة مساء وحتى الرابعة صباحا حتى لا يصابون بالملاريا.. إضافة إلى تجفيف منابع المياه وقفل الأزيار ومصادر المياه بشكل محكم وتغييرها بشكل يومي ودوري حتى لا تتوافر بيئة حاضنة للبعوض وتكاثره.

وبحسب تقارير (منظمة أطباء بلا حدود) فإن الملاريا تتسبب بقتل قرابة نصف مليون شخص كل عام وتحدث (70) في المئة من الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة بسببها ،وتضيف منظمة بلا حدود بأن الملاريا مرض سهل العلاج ولكن مستوى الحصول على العلاجات الأكثر فعالية غير كافٍ، حيث تحدث (90) في المائة من جميع وفيات الملاريا في القارة الافريقية، فالناموسيات المشبعة بالدواء باهظة الثمن وبعيدة عن متناول الكثيرين كما في السودان الذي يشهد هذه الأيام انتشارا مزعجا للملاريا..

وكشفت اطباء بلا حدود بأن الطفيليات التي تسبب الملاريا بدأت تظهر مقاومة في أجزاء من آسيا ضد أكثر الأدوية فعالية ولا توجد أدوية جديدة قيد التّطوير، ما يعني أن مرضى الملاريا بدون خيارات فعالة في المستقبل سواء في آسيا او افريقيا.

فيما دونت أطباء بلا حدود بموقعها الرسمي السودان من ضمن دائرة الدول التي تنتشر فيها الملاريا بمعظم ولاياتها وتصف المرض بالطفيلي ينقله البعوض.. وقد يكون خطيراً جداً ما لم يعالج بسرعة وبالشكل المناسب، كما أنه قد يؤدي إلى الوفاة.. وتختلف أعراض الملاريا بين حمى شديدة وإعياء وقي وألم في البطن وآلام مفصلية.. وقد تؤدي في بعض الحالات الشديدة إلى هلوسات او (هضربة) كالتي عانيت منها أثناء اصابتي بالملاريا، أو غيبوبة وفقدان للوعي.

وذكرت بأن السودان يعاني بشكل عام منها وولاية شمال دارفور بشكل خاص حيث تبلغ الاصابات الموسمية ذروتها خلال موسم الأمطار، واضافت بأنها عادةً تراقب الأوضاع بما في ذلك الوضع في مدينة الفاشر عاصمة الولاية، والتي تعد من أكثر مدن البلاد اكتظاظاً بالسكان، ويقطنها عدد كبير من النازحين وشهدت خلال السنوات الماضية ارتفاعاً حاداً في عدد الاصابات، بلغ حوالي ضعف عدد الاصابات المسجلة في الفترة ذاتها قبل عام.

جولة ميدانية

ومن خلال جولة أجرتها (الحراك) على عدد من المراكز الصحية والطرفية بكل من كرري وضواحي الريف الجنوبي وامبدات فإن حالات الإصابة بالملاريا في تزايد، حيث تشهد المراكز الصحية ومعامل الفحص تجمعات وتزاحما كبيرا من المرضى بمختلف الأعمار ومنهم أطفال رضع.. وبحسب ما قاله اختصاصي أحد المعامل فإن معظم عينات الفحوصات تظهر وجود الملاريا إلى جانب اصابات بالتايفويد.. بينما أكد فني معمل أن حوالي (90) في المائة من العينات التي يفحصها تأتي نتيجتها ملاريا، مشيرا إلى أن اصابات الملاريا هذا العام غير مسبوقة.

فيما شكا عدد من المرضى عدم فعالية العلاج وتكرار الاصابة رغم تعاطي جرعات العلاج وفي مقدمتها الحبوب المشهورة بـ(الراجمات)، بجانب الحقن الزيتية وهي ذاتها التي أوقفتها الجهات الصحية.. إلا أن جولة الصحيفة اثبتت عكس ذلك، فهناك الكثير من الأطباء يعطونها للمرضى كعلاج للملاريا.. والدة طفل رضيع قادمة من ولاية النيل الأزرق أوضحت أن اصابات الملاريا تكثر بحاضرة الولاية الدمازين وغالبا ما يعطي الأطباء الحقن او حبوب (الكوارتيم) وهي العلاج الأقوى الذي أقرته وزارة الصحة بعدد جرعات محددة كل (8) ساعات، حيث توجد مقاومة للأقل فعالية نسبة لأن المنطقة يكثر فيها البعوض بشكل سنوي وليس موسمياً، كاشفة عن إعطاء طفلها الذي لم يتجاوز العام لحبوب (الكوارتيم) القوية.

العرديب والموليتا

وفقا لخطة وزارة الصحة فإن علاج الملاريا كان يوزع مجانا في المرافق الصحية والمشافي الحكومية إلا أنه أصبح في الوقت الحالي يباع مثله مثل بقية الأدوية، حيث كشفت الجولة بأن ثمن علاج الملاريا يتراوح بين الستة آلاف إلى عشرة بحسب الصيدليات التابعة للمراكز والمشافي الخاصة ومن منطقة إلى أخرى ..وكان قد شهد انعداما في مدينة ود مدني وعدد من الولايات مما دفع مصابي الملاريا إلى تناول البدائل من مشروبات بلدية مثل عصير العرديب وتناول عشبة الموليتا حادة المرارة لإحتوائها على مادة الكينين التي تعد إحدى علاجات الملاريا، وهي نبتة موسمية تكثر في موسم الخريف وأكثر وفرة حاليا من علاج الملاريا!!
الحراك السياسي

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد