نوايا حسنة أم مناورة؟ البرهان يوضح موقفه من الترشح لرئاسة حكومة يقودها المدنيون

123

الجنرال العسكري الحاكم يتعهد أنه بمجرد تشكيل حكومة منتخبة ستكون القوات المسلحة مؤسسة أخرى لتلك الحكومة بدلا من احتفاظها بمكانة أعلى.

نيويورك – آية البطراوي

قال الجنرال العسكري الحاكم في السودان، الذي قاد انقلابا منذ نحو سنة، إنه لن يترشح في الانتخابات المقبلة ولن يكون بذلك ضمن حكومة يقودها مدنيون، لكنه لم يقدم أي جدول زمني يحدد موعد التصويت حتى يتمكن من إجراء انتخابات يسلّم بموجب نتائجها السلطة.

وتحدث القائد العسكري عبدالفتاح البرهان مع وكالة أسوشيتد برس على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس. وجاءت هذه التصريحات بعد سنة تقريبا على انقلاب طال الانتقال قصير الأمد للدولة العربية الأفريقية إلى الديمقراطية، بعد ثلاثة عقود من حكم عمر البشير القمعي.

وأجاب البرهان لدى سؤاله عما إذا كان ينوي الترشح للانتخابات المقبلة بـ”لا أعتقد ذلك”. وعندما طُلب منه التعمّق في الإجابة، قال إنه ليست لديه رغبة في التقدم كمرشح ولا يريد الاستمرار في منصبه.

وكانت التوترات المتصاعدة بين مؤيدي الحكم العسكري وأولئك الذين يدعمون الحكم المدني أساس انقلاب العام الماضي، حيث طال الإحباط كلا الجانبين بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

عبدالفتاح البرهان يعلن عدم الترشح لرئاسة حكومة يقودها المدنيون، لكنه لم يقدم جدولا زمنيا يحدد موعد التصويت لتسليم السلطة

وكان السودان غارقا في الاضطرابات السياسية لأكثر من ثلاث سنوات. وتأرجح اقتصاد البلاد، وكان من المتوقع أن يصل التضخم إلى مستوى 245 في المئة هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي.

ومنذ انقلاب أكتوبر الماضي، خرج المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية إلى الشوارع مطالبين الجنرالات بتسليم السلطة للمدنيين. وكانوا قد استنكروا تولي البرهان السلطة عندما حلّ الجيش الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ومجلس السيادة القائم على اتفاق لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

وأطلقت القوات النار على المتظاهرين فقتلت بعضهم، كما اعتقلت المئات. وقال البرهان إنه بينما لم تصدر إدانة للشرطة أو قوات الأمن في الوفيات، فإن حوالي خمسة أو ستة يخضعون للتحقيق.

وشدد على أن أحدا “لم يقتل المتظاهرين بالطريقة التي يتم تصويرها. حيث اشتبك المتظاهرون مع الشرطة، وتعاملت الشرطة معهم وفق القانون لحماية الممتلكات العامة”.

وقال البرهان إن بمجرد تشكيل حكومة منتخبة ستكون القوات المسلحة مؤسسة أخرى لتلك الحكومة بدلا من احتفاظها بمكانة أعلى. وأكّد أنه لن يترشح في الانتخابات القادمة، لكنه امتنع عن تحديد موعد التصويت، رغم قوله سابقا إنه يمكن إجراؤه في يوليو 2023. وقال بدلا من ذلك إن الجمود ناتج عن الجماعات السياسية التي تحتاج إلى الاتفاق على موعد للتصويت. وأصر على أن الجيش لا يلعب أي دور في تلك المناقشة.

وقال “نحن نتحدث عن المشاركة السياسية وتوسيعها. فلن ينجح أي شخص سواء كان حمدوك أو غيره دون قاعدة واسعة لحكم السودان. إن السلطة الوحيدة للحكم هي من خلال الانتخابات، دون أن يفرض أحد إرادته على الآخر”.

كما أنه تجاهل التوترات داخل حكومته الانتقالية، ونفى وجود أي خلافات مع نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان، الجنرال محمد حمدان دقلو الملقّب بحميدتي.

التوترات المتصاعدة بين مؤيدي الحكم العسكري وأولئك الذين يدعمون الحكم المدني مثلت أساس انقلاب العام الماضي

وتحدثت وسائل إعلام محلية خلال الأسابيع الماضية عن خلافات بين الجنرالات. كما اعترف دقلو بفشل عملية استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر. ويعاني الملايين من السودانيين من وطأة الاضطرابات السياسية ومن ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة بشكل كبير أمام الدولار. وألقى القائد العسكري الحاكم باللوم على دول ومؤسسات لم يحددها، معتبرا أنها المتسببة في تدهور الوضع الاقتصادي في السودان.

ويواجه السودان أزمة غذائية عميقة سببها “مزيج من العوامل”، وفقا لإيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان الذي تحدث في مؤتمر صحافي للأمم المتحدة الجمعة.

وشهد البلد عامين لم يكن فيهما الحصاد في المستوى المأمول، وصيفا من الفيضانات المدمرة. ويكافح من أجل الوصول إلى واردات الحبوب الحيوية من أوروبا الشرقية، وهي مساع ازدادت صعوبة بسبب الحرب في أوكرانيا.

كما أن العديد من المانحين الرئيسيين من الأمم المتحدة قرروا سحب التمويل من البلاد ردا على انقلاب أكتوبر. ودعا رو إلى سلام دائم وإرساء حكومة موثوقة والمزيد من المساعدات والدعم الدولي لتخفيف أزمة السودان.

وعلّقت إدارة بايدن في أعقاب الانقلاب 700 مليون دولار من المساعدات المالية، التي تهدف إلى دعم انتقال السودان إلى حكومة مدنية بالكامل. وقالت وزارة الخارجية إن حزمة المساعدات الكاملة، التي ربما تضمنت مساعدات أخرى، قد تقرر “إيقافها مؤقتا” في انتظار مراجعة التطورات في الخرطوم.

كما يوجد من “وعدوا بتقديم المساعدة للسودان، لكنهم لم يفوا بوعودهم”، حسب تصريحات البرهان، الذي ذكر وجود الكثير من الدعم من الجهات الخارجية، ولكنها كانت للأسف لأغراض سياسية.
وكالات

تعليقات
Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد